خصوصي مصر

الدكتورة هبة إسماعيل تكتب : دوام الحال من المحال

كيف نحمي قلوبنا من صدمة سقوط النِّعَم والسلطة؟
في لحظةٍ ما، يقف الإنسان أمام المرآة فلا يعرف نفسه…
أين الوهج الذي كان يملأ المكان؟ أين الأوامر التي كانت تُنفَّذ قبل أن تُقال؟ أين الهواتف التي لا تهدأ، والوجوه التي تتودّد، والأبواب التي تُفتح قبل أن يطرقها؟
هنا بالذات يولد أخطر أنواع الإحباط: إحباط سلب النعمة وسقوط السلطة
الحقيقة أن الله خلق الحياة في تغيّر دائم، لا شيء فيها يبقى على حاله.
حياتنا تشبه القمر: هلال، ثم تألق وبدر مكتمل، ثم محاق بعد البدر. وكذلك الإنسان: فترة قوة ونفوذ، ثم تراجع طبيعي ليأخذ غيره نصيبه من الفرص. هذا ليس ظلمًا، بل عدل الله الذي نؤمن به: ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، لأن استمرار النعمة في يد واحد فقط ظلم، وربنا سبحانه لا يظلم أحدًا.
المشكلة تبدأ عندما نُعظِّم ذواتنا أثناء السلطة، فنظن أن النجاح من صنعنا وحدنا، ونتعامل مع الكرسي كأنه دائم. هنا يصبح السقوط قاسيًا؛ تنتهي الوظيفة، فينتهي معها إحساس البعض بقيمتهم، وكأنهم سقطوا بسقوط المنصب.
العلاج الحقيقي أن نرى السلطة تكليفًا وأمانة لا لقبًا ولا وجاهة.
الحفاظ على العدل ومراعاة الله في كل قرار هو الاستثمار الذي يجعل الهيبة وحب الناس يستمرّان بعد زوال المنصب؛ فيبقى ذكرك الطيب حتى لو اختفى اسمك من اللوحات الرسمية.
حين يدرك الإنسان أن كل نعمة أمانة مؤقتة:
• لا ينهار إذا تغيرت الأحوال،
• ولا يفقد نفسه إذا فقد منصبه،
• ولا يحسد من جاء بعده، لأنه يعلم أن الدور اليوم له وغدًا لغيره.
ربنا بحكمته قد يأخذ منك التألق والمنصب، لا لينتقم منك، بل ليعطي الفرصة لغيرك، ويمتحن إيمانك بعدل الله وحكمته.
فاعمل لغدٍ… فاليوم ليس باقيًا.
واختر أن تعيش كل نعمة كأمانة ستُسأل عنها يومًا، لا مجدًا شخصيًا تدافع عنه بأي ثمن